الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار ***
1836- مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك عن خالد بن معدان يرفعه إن الله تبارك وتعالى رفيق يحب الرفق ويرضى به ويعين عليه ما لا يعين على العنف فإذا ركبتم هذه الدواب العجم فأنزلوها منازلها فإن كانت الأرض جدبة فانجوا عليها بنقيها وعليكم بسير الليل فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار وإياكم والتعريس على الطريق فإنها طرق الدواب ومأوى الحيات قال أبو عمر هذا الحديث منقطع في الموطأ عند جميع الرواة وقد روي مسندا من طرق في التمهيد ونذكر ها هنا بعضها إن شاء الله تعالى. وأما قوله إن الله رفيق يحب الرفق فقد روي من حديث الحسن عن عبد الله بن مغفل ومن حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف وقد ذكرت الأسانيد للحديثين بذلك في التمهيد وذكرت حديث مالك عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله - عز وجل - رفيق يحب الرفق في الأمر كله وهذا عموم يدخل فيه الرفق بالدواب في الأسفار وغيرها وخص المسافر في هذا الحديث بالذكر فأمر أن يمشي مهلا رويدا ويكثر النزول إذا كانت الأرض مخصة لترعى دابته الكلأ وتنال من الحشيش والماء وهذا إنما هو في الأسفار البعيدة ما لم تضم الضرورة إلا أن يجد في السفر فإذا كانت جدبة وكان عام السنة فالسنة للمسافر أن يسرع في السفر ويسعى في الخروج عن بلاد الجدب وبدابته رمق رمق يقيه من النقي والنقي الشحم والقوة حتى يحصل في بلد الخصب. وأما قوله فإن الأرض تطوى بالليل فمعناه -والله أعلم- أن الدابة إذا استراحت نهارا كان مشيها بالليل ضعف مشيها بالنهار ولهذا المعنى ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الدلجة والله أعلم وروى الليث بن سعد عن عقيل عن بن شهاب عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه اللهم اطو له البعد وهون عليه السفر رواه أسامة بن زيد عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتاه رجل ليودعه فكان من دعائه اللهم اطو له البعد وهون عليه السفر. وأما اتصال معنى الحديث المرسل لمالك عن بن عبيد عن خالد بن معدان في هذا الباب فمحفوظ من حديث بن عباس وحديث أبي هريرة حدثني عبد الله بن محمد أخبرنا خلف بن سعيد حدثني أحمد بن خالد حدثني علي بن عبد العزيز حدثني محمد بن أبي نعيم الواسطي حدثني هشيم حدثني عبد الله بن جعفر بن نجيح المدني عن أبي الحويرث عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كانت الأرض مخصبة فاقصدوا في السير وأعطوا الركاب حقها فإن الله رفيق يحب الرفق وإذا كانت الأرض مجدبة فانجوا عنها وعليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل وإياكم والتعريس على ظهر الطريق فإنه مأوى الحيات ومدرجة السباع. وحدثني عبد الوارث بن سفيان حدثني قاسم بن أصبغ حدثني بكر بن حماد قال حدثني مسدد قال حدثني خالد بن عبد الله قال حدثني سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها من الأرض وإذا سافرتم في السنة فأسرعوا عليها السير وإن أعرستم فاجتنبوا الطريق فإنه مأوى الهوام بالليل. 1837- مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه فإذا قضى أحدكم نهمته من وجهه فليعجل إلى أهله قال أبو عمر يقولون إن مالكا انفرد بهذا الحديث لم يروه عن سمي غيره ولا رواه عن أبي صالح غير سمي وقد وجدته لسهيل عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة ولابن سمعان عن زيد بن أسلم عن جمهان عن أبي هريرة وروى عبيد الله بن المنتاب عن سليمان بن إسحاق الطلحي عن هارون الفروي عن عبد الملك بن الماجشون قال قال مالك ما لأهل العراق يسألوني عن حديث السفر قطعة من العذاب ! فقيل له إنه لم يروه أحد غيرك فقال لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما حدثت به قال أبو عمر قد روي عن مالك في هذا الحديث إسنادان غير إسناد الموطأ وكلاهما خطأ أحدهما رواه أبو عاصم رواد بن الجراح عن مالك عن ربيعة عن القاسم عن عائشة والآخر رواه عتيق بن يعقوب عن مالك عن أبي النضر عن أبي صالح عن أبي هريرة ولا يصح عن مالك عن سمي إلا إسناده على ما في موطئه وقد رواه خالد بن مخلد عن محمد بن جعفر الوركاني عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة وليس بمعروف لمالك عن سهيل وإنما هو له عن سمي وقد رواه الدراوردي عن سهيل حدثني أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي حدثني أبي حدثني عثمان بن عبد الرحمن حدثني إبراهيم بن قاسم حدثني أبو المصعب أحمد بن أبي بكر الزهري حدثني عبد العزيز الدراوردي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال السفر قطعة من العذاب فإذا فرغ أحدكم من مخرجه أو من سفره فليعجل في الكرة إلى أهله وإذا عرستم فتجنبوا الطريق فإنه مأوى الهوام والدواب قال أبو عمر حديث مالك عن سمي صحيح وحديث الدراوردي عن سهيل أيضا صحيح وليس سمي بأروى عن أبي صالح من ابنه سهيل عنه وإن كان سمي أحفظ وأقل خطأ من سهيل وقد روي عن مالك أيضا حديث النبي صلى الله عليه وسلم سافروا تصحوا حدثنا خلف بن قاسم حدثني أبو محمد أحمد بن محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني واسم أبي إياس ناجية بن حمزة قال حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة. وأخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف حدثنا الحسن بن إسماعيل حدثنا أبو جعفر أحمد بن إسماعيل بن القاسم الحافظ وأبو الحسن علي بن أحمد بن إسحاق المعدل والفضل بن عبيد الله الهاشمي قال حدثني محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني قال حدثني أبو علقمة الفروي وهو عبد الله بن عيسى المدني الأصم قال حدثني مطرف بن عبد الله عن مالك بن أنس عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سافروا تصحوا وتغنموا قال أبو عمر هذا أيضا من حديث أبي حازم عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال سافروا تصحوا وترزقوا وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال سافروا تصحوا واغزوا تستغنموا وقد ذكرنا الأسانيد في ذلك كله في التمهيد وليس حديث سمي عندي بمعارض لهذا بل ذلك العذاب وهو التعب والمشقة كالدواء المر الشنيع المعقب للصحة ولذلك قيل السفر مصحة والله أعلم. 1838- مالك أنه بلغه أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق قال أبو عمر ليس هذا الحديث متصلا ويسند عن أبي هريرة من طرق محفوظة من رواية مالك وغيره ورواية مالك ذكرها أبو داود قال حدثني أحمد بن حفص بن عبد الله قال حدثني أبي قال حدثني إبراهيم بن طهمان عن مالك بن أنس عن بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق قال أبو داود هكذا رواه مالك عن بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة وخالفوه فرووه عن بن عجلان عن بكير بن الأشج عن عجلان أبي محمد عن أبي هريرة قال أبو عمر هو كما قال أبو داود وممن خالف مالكا في ذلك وهيب بن خالد وسفيان بن عيينة وسليمان بن بلال والليث بن سعد وسعيد بن أبي أيوب وعبد العزيز الدراوردي وقد ذكرنا أحاديثهم بالأسانيد عنهم في التمهيد كلهم يرويه عن محمد بن عجلان عن بكير بن الأشج عن عجلان أبي محمد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق ولم يقل أحد في هذا الحديث بالمعروف إلا مالك وحده حدثني أحمد بن فتح قال حدثني حمزة بن محمد قال حدثني عبد الله بن علي النيسابوري قال حدثني أحمد بن حفص بن عبد الله قال حدثني أبي قال حدثني إبراهيم بن طهمان عن مالك بن أنس عن بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق قال أبو عمر قد جعل قوم من أهل العلم في هذا الحديث بالمعروف معارضا لقوله صلى الله عليه وسلم أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون وهذا الحديث قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي ذر الغفاري ومن حديث عبادة بن الصامت ومن حديث بن عباس وقد ذكرناها في التمهيد قالوا فقوله صلى الله عليه وسلم بالمعروف في حديث مالك يعارض رواية من روى عنهم أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون لأن المعروف أن العبد لا يساوي سيده في مطعم ولا ملبس وحسبه أن يكسوه ويطعمه مما يعرف لمثله من المطعم والملبس وعلى هذا مذهب جماعة الفقهاء والحجة لهم ما حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال حدثني عمر بن محمد الجمحي بمكة قال حدثني علي بن عبد العزيز قال حدثنا القعنبي قال حدثني داود بن قيس عن موسى بن يسار عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صنع لأحدكم خادمه طعاما وقد ولي حره ودخانه فليقعده معه فليأكل فإن كان الطعام قليلا فليضع منه في يده أكلة أو أكلتين قال داود يعني لقمة أو لقمتين قال أبو عمر هذا يدل على أن قوله صلى الله عليه وسلم أطعموهم مما تأكلون على الندب لا على الوجوب فمن فعل ذلك فقد أحسن وحمد له ذلك من فعله لأنه إذا لم يناوله من الطعام الذي صنع له وولى حره ودخانه إلا لقمة أو لقمتين فلم يساوه معه في الطعام وكذلك الملبس ومما يدل على أن نفقة المماليك واجبة على ساداتهم ما حدثني أحمد بن فتح قال حدثني إسحاق بن إبراهيم قال حدثني أحمد بن خالد قال حدثني علي بن عبد العزيز. وحدثناه عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أسيد قال حدثني بن جامع قال حدثني علي بن عبد العزيز قال حدثني أبو النعمان عارم بن الفضل قال حدثني حماد بن زيد قال حدثني عاصم بن بهدله عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الصدقة ما أبقى غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول ثم أتبع الحديث بقول امرأتك أنفق علي أو طلقني ويقول مملوكك أنفق علي أو بعني ويقول ولدك أنفق علي إلى من تكلني قال أبو عمر هذا بين في نفقات الزوجات والمماليك والبنين الصغار والبنات ولا خلاف بين العلماء في وجوب النفقات جملة على ما ذكرنا وتلخيص ما يجب في ذلك على الغني من النفقة والفقير مذكور في الباب التالي والحمد لله. 1839- مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب كان يذهب إلى العوالي كل يوم سبت فإذا وجد عبدا في عمل لا يطيقه وضع عنه منه قال أبو عمر هذا هو الواجب على كل من استرعاه الله رعية أن يأمر فيها بالمعروف وينهى عن المنكر ومن المنكر الذي يلزم السلطان تغييره أن يكلف العبد من العمل ما لا يطيق روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من استرعاه الله رعية فلم يحطها بالنصيحة لم يرح رائحة الجنة ولم يفعل عمر من ذلك إلا ما امتثل فيه بسنة النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق وكذلك عمر كان يفعل بالدواب إذا رأى عليها ما يشق بها من الحمولة أمر بالتخفيف عنها ومن هذا الباب أيضا السفن الجارية في البحر واجب على السلطان أن يتفقد أمرها فإن حملت ما لا يطيق معه القيام بحمله عند الهول ويضعف عنه أمر ربها في التخفيف من شحنتها حتى تستقبل ويطيب جريها ويكون مع ذلك السلامة في الأغلب من حالها وباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتسع جدا ومن طلب العلم لله فهمه الله تعالى. 1840- مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع عثمان بن عفان وهو يخطب وهو يقول لا تكلفوا الأمة غير ذات الصنعة الكسب فإنكم متى كلفتموها ذلك كسبت بفرجها ولا تكلفوا الصغير الكسب فإنه إذا لم يجد سرق وعفوا إذ أعفكم الله وعليكم من المطاعم بما طاب منها قال أبو عمر هذا كلام صحيح واضح المعنى موافق للسنة والقول في شرحه تكلف والله الموفق. 1841- مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين قال أبو عمر هذا يدل على أن من كان عليه فرضان فقال بهما وأداهما كان أفضل ممن كان عليه واحد وأداه وكذلك سائر ما زاد من الفرائض والله أعلم - وهذا يدخل فيه الزكاة والحج وبر الوالدين وغير ذلك مما يطول ذكره وفيه دليل أيضا على فضل الصبر على مضض الرق وذلته والقيام به مع ذلك بحق السيد ولهذا وما كان مثله كان العتق للرقاب من أفضل العمل وأوجبها لجسيم الثواب. 1842- مالك أنه بلغه أن أمة كانت لعبد الله بن عمر بن الخطاب رآها عمر بن الخطاب وقد تهيأت بهيئة الحرائر فدخل على ابنته حفصة فقال ألم أر جارية أخيك تجوس الناس وقد تهيأت بهيئة الحرائر وأنكر ذلك عمر قال أبو عمر قد روي عن عمر أنه ضرب أمة بالدرة رآها تهيأت بهيئة الحرائر ونهى عن ذلك والعلماء مجمعون على أن الله - عز وجل - لم يرد بما أمر به النساء من الاحتجاب وأن يدنين عليهن من جلابيبهن الإماء وإنما أراد بذلك الحرائر وأجمعوا أن الأمة ليس منها عورة إلا ما من الرجل إلا أن منهم من كره عرضها للبيع أن يرى منها فخذا أو بطنا أو صدرا وكره أن ينكشف شيء من ذلك منها في صلاتها ومنهم من لم يكره النظر إليها إلا ما يكره من الرجل وهو القبل والدبر وأجاز النظر إلى ما سوى ذلك منها عند ابتياعها وقال هي سلعة من السلع لا حرمة لها وإنما كره عمر للإماء -والله أعلم- أن يتهيأن بهيئة الحرائر لئلا يظن أنهن حرائر فيضاف إليهن التبرج والمشي وينسب ذلك منهن إلى ما وقع الظن عليهن فيأثم بذلك الظان ومعلوم أن الإماء ينصرفن في خدمة ساداتهن فيكثر خروجهن لذلك وتطوافهن وقوله تجوس الناس معناه تجول في أزقة المدينة مقبلة ومدبرة وهذا من قول الله عز وجل (فجاسوا خلل الديار) الإسراء. 1843- مالك عن عبد الله بن دينار أن عبد الله بن عمر قال كنا إذا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة يقول لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما استطعتم. 1844- وفي هذا الباب أيضا مالك عن عبد الله بن دينار أن عبد الله بن عمر كان كتب إلى عبد الملك بن مروان يبايعه فكتب إليه بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو وأقر لك بالسمع والطاعة على سنة الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما استطعت قال أبو عمر أما قوله صلى الله عليه وسلم فيما استطعتم وقوله بن عمر - (رضي الله عنهما) عن نفسه في بيعته لعبد الملك فيما استطعت وذلك كله مقيد بقول الله - عز وجل - (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) [البقرة 268]. وقوله تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم) [التغابن 16]. وأصل البيعة حديث عبادة حدثني سعيد بن نصر وأحمد بن محمد قالا حدثنا وهب بن مسرة وقاسم بن أصبغ قالا حدثنا بن وضاح قال حدثني أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثني عبد الله بن إدريس عن يحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمر عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه عن جده قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكرة وعلى أثره علينا وأن لا ننازع الأمر أهله وعلى أن نقول الحق أينما كنا وعلى أن لا نخاف في الله لومة لائم قال أبو عمر فهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أشار إليها عبد الله بن عمر في كتابه إلى عبد الملك بن مروان في قوله وأقر لك بالسمع والطاعة على سنة الله ورسوله فيما استطعت وعلى هذا كانت بيعة الخلفاء بعده صلى الله عليه وسلم وقد ذكرنا كثيرا من معاني البيعة عند ذكرنا حديث عبادة هذا في كتاب الجهاد من هذا الكتاب لرواية مالك له هناك عن يحيى بن سعيد وذكرنا أكثر من ذلك في كتاب التمهيد في باب عبد الله بن دينار وباب محمد بن المنكدر ذكر سنيد قال حدثني مبشر الحلبي عن جعفر بن برقان عن ثابت بن الحجاج عن أبي المعيقيب قال شهدت أبا بكر الصديق يبايع الناس بعد نبي الله صلى الله عليه وسلم فتجتمع عنده العصابة فيقول لهم أتبايعون على السمع والطاعة لله ولكتابه ثم للأمير فيقولون نعم قال فتعلمت شرطه هذا وأنا كالمحتلم أو فوقه فلما خلا من عنده أتيته فابتدأته فقلت أبايعك على السمع والطاعة لله ولكتابه ثم للأمير فصعد في البصر ورأيته أعجبه قال حدثني معتمر بن سليمان عن عاصم الأحول عن عمر أو عمرو بن عطية قال أتيت عمر بن الخطاب وأنا غلام فبايعته على كتاب الله وعلى سنة رسوله هي لنا وهي علينا فضحك وبايعني وروى أبو داود الطيالسي وغيره عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس قال قدمت على عمر بعد هلاك أبي بكر فقلت ارفع يدك أبايعك على ما بايعت عليه صاحبيك من قبل أعني النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر فبايعته على السمع والطاعة فيما استطعت وذكر بن أبي شيبة قال حدثني عباد بن العوام عن أشعث بن سوار عن أبيه قال سمعت موسى بن طلحة قال بعث في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأنا في الأسارى فانطلقت فدخلت فسلمت فقال أتبايع وتدخل فيما دخل فيه الناس قلت نعم فقال هكذا وقد يده فبسطها فبايعته ثم قال ارجع إلى أهلك ومالك فلما رآني الناس قد خرجت جعلوا يدخلون فيبايعون قال أبو عمر كان هذا يوم الجمل بعد الوقعة والمبايعون يومئذ كانوا أصحاب عائشة والزبير وطلحة. وأما مد اليد والمصافحة في البيعة فذلك من السنة المسنونة فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون بعده وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصافح النساء وفي هذا الباب. 1845- مالك عن محمد بن المنكدر عن أميمة بنت رقيقة أنها قالت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة بايعنه على الإسلام فقلن يا رسول الله ! نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما استطعتن وأطقتن قالت فقلن الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا هلم نبايعك يا رسول الله ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة أو مثل قولي لامرأة واحدة قال أبو عمر قوله في هذا الباب هلم نبايعك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لا أصافح النساء دليل على أن من شرط البيعة للرجال المصافحة وقد تقدم هذا في بيعة أبي بكر وعمر وسائر الخلفاء وقد ذكرنا الوجوه التي كانت عليها البيعة في صدر الإسلام في صدر كتاب الجامع من كتابنا هذا مستوعبة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بايع أصحابه مرة على بيعة النساء وبايعهم على الحرب مرارا منها بيعة الرضوان والبيعة التي كانت بمكة قبل الهجرة وقد بينا ذلك كله فيما سلف من كتابنا هذا والحمد لله كثيرا وقال بن جريج وغيره في قوله عز وجل (ولا يأتين ببهتن يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف) الممتحنه 12 كانت المرأة في الجاهلية تلد الجارية فتأخذ الغلام مكانها وتقول لزوجها هو ولدك. وأما قوله في حديث بن المنكدر هذا في بيعة النساء ولا نعصيك في معروف فقيل المعروف كل ما أمرهم به صلى الله عليه وسلم فأنه لا يأمر أبدا إلا بالمعروف ولا ينهاهم إلا عن المنكر قال الله عز وجل (يأمرهم بالمعروف وينههم عن المنكر ويحل لهم الطيبت) [الأعراف 157]. وقيل المعروف ها هنا حرج النساء على ألا ينحن على موتاهن روي ذلك عن أم سلمة ومن رواية من يرفعه وروي مثله عن أم عطية قالت أخذ علينا في البيعة ألا ننوح وقال بن عباس اشترط عليهن ألا ينحن نياحة الجاهلية ولا يخلون بالرجال في البيوت وقال الحسن كان في ما أخذ عليهن ألا يتحدثن مع الرجال إلا أن يكون محرما فإن الرجل قد تلاطفه المرأة بالكلام فيمني في فخذه وقال عبد الله بن بسر ترون يدي هذه صافحت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بايعته وروى هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير وعبد الله بن جعفر أنهما بايعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما ابنا سبع سنين فلما رآهما بسط يده وتبسم وبايعهما وقد ذكرنا أسانيد هذه الأحاديث وما كان مثلها في معنى الباب في التمهيد والحمد لله كثيرا وقد روى بن وهب وإبراهيم بن طهمان وسعيد بن داود كلهم عن مالك عن بن شهاب عن عروة عن عائشة في بيعة النساء قالت ما مس رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده يد امرأة قط إلا أن يأخذ عليها فإذا أخذ عليها فأعطته قال اذهبي فقد بايعتك وروى حجاج عن بن جريج عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحنهن بهذه الآية (يأيها النبى إذا جاءك المؤمنت يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا) [الممتحنة 12]. ولا قالت عائشة فمن أقر من المؤمنات بهذا فقد أقر بالمحنة وإذا أقررن بذلك قال لهن انطلقن فقد بايعتكن قالت عائشة لا والله ما مست امرأة قط يده غير أنه يبايعهن بالكلام قال أبو عمر هذا يرد ما روي عن إبراهيم وقيس بن أبي حازم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يصافح النساء إلا وعلى يده ثوب. 1846- مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهم قال أبو عمر قد أوضحنا معنى هذا الحديث بالآثار وما يوجبه النظر على الأصول المجتمع عليها في التمهيد وطال فيه القول هناك واختصار ذلك من الآثار ما حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثني قاسم بن أصبغ قال حدثني أحمد بن محمد البرتي القاضي ببغداد قال حدثني أبو معمر عبد الله بن عمرو قال حدثني عبد الوارث بن سعيد عن الحسين المعلم عن بن بريدة قال حدثني يحيى بن يعمر أن أبا الأسود الديلي أخبره عن أبي ذر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يرمي رجل رجلا بالفسق أو بالكفر إلا ردت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك. وحدثني أحمد بن قاسم بن عيسى قال حدثني عبيد الله بن محمد قال حدثني عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال حدثني بن الجعد قال حدثني شعبة عن عبد الله بن دينار قال سمعت بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا قال الرجل لأخيه يا كافر أو أنت كافر فقد باء بها أحدهما فإن كان كما قال وإلا رجعت إلى الأول قال أبو عمر باء بها أي احتمل وزرها ومعناه أن الكافر إذا قيل له يا كافر فهو حامل وزر كفره ولا حرج على قائل ذلك له وكذلك القول للفاسق يا فاسق وإذا قيل للمؤمن يا كافر فقد باء قائل ذلك بوزر الكلمة واحتمل إثما مبينا وبهتانا عظيما إلا أنه لا يكفر بذلك لأن الكفر لا يكون إلا بترك ما يكون به الإيمان وفائدة هذا الحديث النهي عن تكفير المؤمن وتفسيقه قال الله عز وجل (ولا تنابزوا بالألقب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمن) [الحجرات 11]. فقال جماعة من المفسرين في هذه الآية هو قول الرجل لأخيه يا كافر يا فاسق وممن قال بذلك عكرمة والحسن وقتادة وهو معنى قول مجاهد لأنه قال هو الرجل يدعى بالكفر وهو مسلم وقد فسر بن حبيب هذا الباب عن مطرف عن مالك تفسيرا حسنا لا تدفعه الأصول قال إنما هو في من قاله على اعتقاد التكفير بالنية والبصيرة وهم الخوارج لا أراه أراد بذلك إلا الخوارج الذين يكفرون أهل الإيمان بالذنوب ومن ذهب مذهبهم ورأى رأيهم فأما من قاله على وجه استعظام ما يرتكب الرجل من المعصية وما يظهره من الفواحش والتشديد بذلك النهي والزجر والترجع فليس من معنى الحديث في شيء. 1847- مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا سمعت الرجل يقول هلك الناس فهو أهلكهم قال أبو عمر هذا الحديث معناه لا أعلم خلافا فيه بين أهل العلم أن الرجل يقول ذلك القول احتقارا للناس وازدراء بهم وإعجابا بنفسه. وأما إذا قال ذلك تأسفا وتحزنا وخوفا عليهم لقبح ما يرى من أعمالهم فليس ممن عني بهذا الحديث والله أعلم قال أبو الدرداء إن تفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس كلهم في ذات الله - عز وجل - ثم يعود إلى نفسه فيكون لها أشد مقتا قال ضمرة بن ربيعة عن صدقة بن يزيد عن صالح بن خالد قال إذا أردت أن تعمل من الخير شيئا فأنزل الناس منزلة البقر إلا أنك لا تحقرهم قال أبو عمر يقول أنزلهم منزلة من لا يميز ولا يحصل ولا تحتقرهم وقال مسلم بن يسار إذا لبست ثوبا فظننت أنك فيه أفضل منك في غيره بئس الثوب هو لك قال مسلم وكفى بالمسلم من الشر أن يرى أنه أفضل من أخيه. 1848- مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يقل أحدكم يا خيبة الدهر فإن الله هو الدهر هكذا رواه جمهور الرواة عن مالك يا خيبة الدهر ورواه سعيد بن هشام الصوفي عن مالك بإسناده فقال فيه لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر وفي بعض النسخ عن عبيد الله بن يحيى عن أبيه في هذا الحديث لا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر فإن الدهر هو الله والجماعة يروون فإن الله هو الدهر قال أبو عمر رواية الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث كما نقله مالك عن أبي الزناد عنه وكذلك رواه بن سيرين وخلاس عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر وهو معنى حديث العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل استقرضت عبدي فلم يقرضني وشتمني ولم ينبغ له أن يشتمني يقول وادهراه وادهراه وأنا الدهر وأنا الدهر. وأما بن شهاب فروى هذا الحديث عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وعن أبي سلمة عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يسب بن آدم الدهر وأنا الدهر بيدي الليل والنهار وفي روايته عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يؤذيني بن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار قال أبو عمر من أهل العلم من يروي حديث بن شهاب هذا وأنا الدهر بالرفع فيكون بمعنى حديث مالك وما كان مثله ومنهم من يرويه بنصب الدهر على الصرف كأنه قال أنا الدهر كله بيدي الأمر أقلب الليل والنهار وما فيهما وقد ذكرنا أسانيد هذه الأحاديث كلها في التمهيد قال أبو عمر المعنى عند جماعة العلماء في هذا الحديث أنه ورد نهيا عن ما كان أهل الجاهلية يقولونه من ذم الدهر وسبه لما ينزل من المصائب في الأموال والأنفس وكانوا يضيفون ذلك إلى الدهر ويسبونه ويذمونه بذلك على أنه الفاعل ذلك بهم وإذا وقع سبهم على من فعل ذلك بهم وقع على الله عز وجل فجاء النهي عن ذلك تنزيها لله تعالى وإجلالا له لما فيه من مضارعة سب الله وذمه تعالى الله عما يقول الجاهلون علوا كبيرا قال امرؤ القيس: ألا إنما ذا الدهر يوم وليلة *** وليس على شيء قويم بمستمر وقد ذكرنا كثيرا من أشعارهم في التمهيد بهذا المعنى وهو شيء لم يكن يسلم منه أحد ولم ينه عنه إلا من عصمه الله - عز وجل - بتوفيقه ويسره للعمل بعلمه بل هو كثير جار في الإسلام كما كان في الجاهلية يذم الدهر مرة ويذم الزمان تارة وتذم الليالي والأيام مرة وتذم الدنيا أيضا وكل ذلك لا يجوز على معنى ما وصفنا وبالله التوفيق إلا أن أهل الإيمان إذا ذموا الدهر والزمان لم يقصدوا بذلك إلا الدهر على قبيح ما يرى منهم كما قال حكيم من شعرائهم: يذم الناس كلهم الزمانا *** وما لزماننا عيب سوانا نذم زماننا والعيب فينا *** ولو نطق الزمان بنا هجانا وإن الذي لحم ذئب *** ويأكل بعضنا بعضا عيانا وربما كان ذمهم للدهر على معنى الاعتبار بما تأتي به المقادير في الليل والنهار كما قال أبو العتاهية: سل القصر أودى أهله أين أهله *** أكلهم عنه تبدد شمله أكلهم قضت يد الدهر جمعه *** وأفتاه قص الدهر يوما وقتله أخي أرى الدهر نبلا مصيبة *** إذا ما رمانا الدهر لم تخط نبله (فلم أر مثل الدهر في طول عدوه... ولا مثل ريب الدهر يؤمن ختله وقال أيضا: إن الزمان يغريني بأمانه *** ويذيقني المكروه من حدثانه فأنا النذير من الزمان لكل من *** أمسى وأصبح واثقا بزمانه
وقال: إن الفتى من الفناء قريب *** إن الزمان إذا رمى لمصيب إن الزمان لأهله لمؤدب *** لو كان فيهم ينفع التأديب صفة الزمان حكيمة وبليغة *** إن الزمان لشاعر وخطيب ولقد رأيتك للزمان مجربا *** لو كان يحكم رأيك التجريب ولقد يكلمك بالسن غريمة *** وأراك لست تجيب لو كنت تفهم ما بك قوله *** لعراك منه تعجم ونحيب كيف اغتررت بصرف دهرك يا أخي *** كيف اغتررت به وأنت لبيب ولقد حسبت الدهر بك *** حفيا وأنت مجرب وأريب وقال منصور الفقيه: يا حسن الظن بالليالي *** أما تراها كيف تفعل يضحك هذا وذاك يبكي *** تنصر هذا وذاك يخزل ذاك معافى وذاك مبتلى *** وذاك تولى وذاك تعزل أم أنت عن ما تراه من ذا *** وذاك من فعلها بمعزل والمراد بهذا من منصور وغيره أن ذلك يقع من الليل والنهار ومثل ذلك قوله أيضا: للدهر إقبال وإدبار *** وكل حال بعدها حال وآمن الأيام في غفلة *** وليس للأيام إغفال وقد أنشدنا في باب أبي الزناد من كتاب التمهيد أشعارا كثيرة من أشعار الجاهلية وأشعارا أيضا كثيرة إسلامية فيها ذم الزمان وذم الدنيا وذم الدهر إلا أن المؤمن الموحد العالم بالتوحيد ينزه الله - سبحانه وتعالى - عن كل سوء ينوي ذلك ويعتقده فإن جرى على لسانه شيء على عادة الناس استغفر الله وراجع الحق وراض نفسه عن العودة إليه كما قال بعض الفضلاء العقلاء: يا دهر ويحك ما أبقيت لي أحدا *** وأنت والد سوء تأكل الولدا أستغفر الله بل ذا كله قدر *** رضيت بالله ربا واحدا صمدا لا شيء يبقى سوى خير تقدمه *** ما دام ملك لإنسان ولا خلدا وقال سليمان بن قبة العدوي وكان مؤمنا صالحا: أيا دهر أعملت فينا أذكاك *** ووليتنا بعد وجه ففاكا جعلت الشرار علينا رؤوسا *** وأجلست سفلتنا مستواكا فيا دهر إن كنت عاديتنا *** فها قد صنعت بنا ما كفاكا وقال المساور بن هند: بليت وعلمي في البلاد مكانه *** وأفنا شبابي الدهر وهو جديد والأشعار في هذا أكثر من أن يحيط بها كتاب لو أفرد لها وأكثر ما يعني المسلم إذا ذم دهره ودنياه وزمانه ختل الزمان وأهله وسلطانه والأصل في هذا المعنى في الإسلام وأهله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان لله أو آوى إلى الله. وأما أهل الجاهلية فإنهم كانوا منهم دهرية زنادقة لا يعقلون ولا يعرفون الله ولا يؤمنون وفي قريش منهم قوم وصفهم أهل الأخبار كرهت ذكرهم وقد حكى الله تعالى عنهم أو عن بعضهم قولهم (ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون) [الجاثية 24]. قال أبو عمر معنى ما ذكرنا قال أئمة العلماء أخبرنا إبراهيم بن شاكر قال حدثني محمد بن إسحاق القاضي قال حدثني أحمد بن مسعود الزبيدي بمصر قال حدثني أبو القاسم يحيى بن محمد بن يحيى بن أخي حرملة قال حدثني عمي حرملة بن يحيى قال قال الشافعي في قول الله عز وجل (وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون) [الجاثية 24]. وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الدهر فإن الله عز وجل هو الدهر قال الشافعي تأويل ذلك -والله أعلم- أن العرب كان شأنها أن تسب الدهر وتذمه عند المصائب التي تنزل بهم من موت أو هدم أو ذهاب مال أو غير ذلك من المصائب وتقول أصابتنا قوارع الدهر وأبادهم الدهر وأنا عليهم الدهر والليل والنهار يفعل ذلك بهم فيذمون الدهر بذلك ويسبونه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الدهر على أنه الذي يفعل بكم ذلك فإنكم إذا سببتم فاعل ذلك وقع سبكم على الله - عز وجل - فهو الفاعل بذلك كله وهو فاعل الأشياء ولا شيء إلا ما شاء الله العلي العظيم. 1849- مالك عن يحيى بن سعيد أن عيسى بن مريم لقي خنزيرا بالطريق فقال له انفذ بسلام فقيل له تقول هذا لخنزير فقال عيسى إني أخاف أن أعود لساني بالنطق بالسوء قال أبو عمر إنما قيل ذلك لعيسى لأن الخنزير كثير الأذى لبني آدم في أموالهم من زروعهم وكرومهم وكذلك نقول لعيسى تقول لخنزير خيرا فقال أكره أن أعود لساني النطق بالسوء ولقد أحسن القائل حيث يقول: تعود الخير فخير عادة *** تدعو إلى الغبطة والسعادة وقال منصور الفقيه: عليك السكوت فإن لم يكن *** من القول بد فقل أحسنه فربما فارقت بالذي *** تقول أماكنها الألسنة وقال آخر: لسان الفتى سبع عليك مراقب *** فإن لم يدع مرعى به فهو آكله 1850- مالك عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبيه عن بلال بن الحارث المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه قال أبو عمر لم يختلف رواة الموطأ عن مالك في إسناد هذا الحديث عن محمد بن عمرو عن أبيه لم يقولوا عن جده ورواه جماعة كثيرة قد بينتهم في التمهيد عن محمد بن عمرو عن أبيه عن جده علقمة بن وقاص عن بلال بن الحارث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الأولى والأصح إن شاء الله عز وجل ولا أعلم خلافا أن الكلمة المذكورة في هذا الحديث من رضوان الله ومن سخط الله والمعنى في ذلك مما يرضى الله ومما يسخطه أنها المقولة عند السلطان بالخير فيرضي الله أو بالشر والباطل فيسخط الله وذلك أيضا منصوص عليه في الحديث حدثنا سعيد بن نصر قال حدثني قاسم بن أصبغ قال حدثني محمد بن وضاح قال حدثني أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثني محمد بن بشر قال حدثني محمد بن عمرو قال حدثني أبي عن أبيه عن علقمة بن وقاص قال مر به رجل له شرف فقال له علقمة إن لك رحما وإن لك حقا وإني رأيتك تدخل على هؤلاء الأمراء وتتكلم عندهم بما شاء الله أن تتكلم وإني سمعت بلال بن الحارث المزني صاحب النبي صلى الله عليه وسلم يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله بها عليه سخطه إلى يوم يلقاه فقال علقمة فانظر ويحك ماذا تقول وماذا تكلم فرب كلام منعنى أن أتكلم به ما سمعت من بلال بن الحارث قال أبو عمر رواه سفيان بن عيينة وسعيد بن عامر وأبو معاوية وجماعة هكذا وقد فسر بن عيينة هذا الحديث بمعنى ما أصف لك قال هي الكلمة عند السلطان الظالم ليرده بها عن ظلمة في إراقة دم أو أخذ مال لمسلم أو ليصرفه عن معصية الله - عز وجل - أو يعز ضعيفا لا يستطيع بلوغ حاجته عنده ونحو ذلك مما يرضي الله به وكذلك الكلمة في عونه على الإثم والجور مما يسخط الله به حدثني أحمد بن فتح قال حدثني حمزة بن محمد قال حدثني محمد بن يحيى بن الحسين قال حدثني عبيد الله بن محمد العيشي قال حدثني حماد بن سلمة عن أبي غالب عن أبي أمامة أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الجمرة أي الجهاد أفضل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال كلمة حق عند ذي سلطان جائر. وحدثني عبد الوارث بن سفيان قال حدثني قاسم بن أصبغ قال حدثني محمد بن عبد السلام قال حدثني محمد بن بشار قال حدثني محمد بن جعفر قال حدثني شعبة عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يتكلم بالحق إذا علمه وروي عن عائشة وأبي الدرداء بمعنى واحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من رفع حاجة ضعيف لا يستطيع رفعها إلى السلطان ثبت الله قدميه على الصراط وقد ذكرت إسنادي هذين الحديثين وآثارا كثيرة في معنى هذا الباب في التمهيد. 1851- مالك عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح السمان أنه أخبره أن أبا هريرة قال إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالا يهوي بها في نار جهنم وإن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالا يرفعه الله بها في الجنة قال أبو عمر هذه الكلمة عند السلطان على ما تقدم في الحديث قبل هذا وقد أسند هذا الحديث عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكرته في التمهيد من حديث البزار عن إبراهيم بن سعيد الجوهري عن عبد الصمد بن النعمان عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل ليتكلم بالكلمة فذكره. 1852- مالك عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر أنه قال قدم رجلان من المشرق فخطبا فعجب الناس لبيانهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من البيان لسحرا أو قال إن بعض البيان لسحر قال أبو عمر هكذا رواه يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم مرسلا وما أظن أرسله عن مالك غيره وأحسبه سقط له ذكر بن عمر من كتابه بأن جماعة أصحاب مالك رووه عن مالك عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك رواه الثوري وبن عيينة عن زهير بن محمد عن زيد بن أسلم عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن في روايتهم فخطبا أو خطب أحدهما ورواه القطان عن مالك حدثناه عبد الوارث قال حدثني قاسم قال حدثني بكر قال حدثني مسدد قال حدثني يحيى بن سعيد عن مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن بن عمر قال قدم رجلان فخطبا فعجب الناس من بيانهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من البيان لسحرا وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله إن من البيان لسحرا من حديث عمار بن ياسر وغيره والرجلان اللذان قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبا أو خطب أحدهما - لا أعلم خلافا - أنهما عمرو بن الأهتم والزبرقان بن بدر إلا أنهما كان معهما قيس بن عاصم فلم يتكلم يومئذ وروى حماد بن زيد عن محمد بن الزبير قال قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم وقيس بن عاصم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو أخبرني عن الزبرقان فقال هو مطاع في ناديه شديد العارضة مانع لما وراء ظهره فقال الزبرقان هو والله يا رسول الله يعلم أني أفضل منه فقال عمرو إنه لزمر المروءة ضيق العطن أحمق الأب لئيم الخال يا رسول الله صدقت في الأولى وما كذبت في الأخرى أرضاني فقلت أحسن ما علمت وأسخطني فقلت أسوأ ما علمت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من البيان لسحرا هكذا في رواية حماد بن زيد لهذا الخبر أن قيس بن عاصم كان معهما كذلك روي من حديث الحكم بن عتيبة عن مقسم عن بن عباس ما ذكرته في التمهيد وذكر المدائني هذا الخبر فلم يذكر فيه إلا الرجلين الزبرقان وعمرو بن الأهتم ويشهد لهذا حديث مالك قدم رجلان فقال المدائني في خبره مطاع في أدانية لم يقل في ناديه وكذلك في حديث بن عباس واختلف العلماء في المعنى المقصود بهذا اللفظ قوله صلى الله عليه وسلم إن من البيان لسحرا هل هو على معنى الذم أو على معنى المدح فقالت طائفة من أصحاب مالك هو على معنى الذم وأضافوا ذلك أيضا إلى مالك واستدلوا بإدخاله لهذا الحديث تحت ترجمة الباب بما يكره من الكلام واحتجوا على ما ذهبوا إليه من ذلك بتشبيه النبي صلى الله عليه وسلم لذلك البيان بالسحر والسحر مذموم قليلة وكثيرة وذلك -والله أعلم- لما فيه من البلاغة والتفيهق من تصوير الباطل في صورة الحق وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثرثارين المتفيهقين أنهم أبغض الخلق إلى الله تعالى وقال آخرون وهم الأكثر عددا إنه كلام أريد به المدح قالوا والبيان ممدوح بدليل قول الله عز وجل (خلق الإنسن علمه البيان) [الرحمن 3]. 4 وبدليل ما في الحديث قوله فعجب الناس لبيانهما والإعجاب لا يقع إلا بما يحسن ويطيب سماعه لا بما يقبح ويذم قالوا وشبيهه بالسحر مدح له لأن معنى السحر الاستمالة وكل ما استمالك فقد سحرك فكأنه غلب على القلوب بحسن كلامه فأعجب الناس به وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أميرهم بفضل البلاغة لبلاغته وفصاحته صلى الله عليه وسلم وكان قد أوتي جوامع الكلم فأعجبه ذلك القول فشبهه بالسحر لغلبة السحر على القلوب واستمالته لها وقد روي أن عمر بن عبد العزيز كلمة رجل في حاجة بكلام أعجبه فقال هذا السحر الحلال ومن ها هنا -والله أعلم- أخذ بن الرومي قوله: وحديثها السحر الحلال لو أنها *** لم تجن قتل المسلم المتحرز إن طال لم يملل وإن هي أوجزت *** ود المحدث أنها لم توجز شرك العقول ونزهة ما مثلها *** للسامعين وعقله المستوفز وأنشدني يوسف بن هارون في قصيدة له: نطقت بسحر بعدها غير أنه *** من السحر لم يختلف في حلاله حدثني عبد الوارث بن سفيان قال حدثني قاسم بن أصبغ قال حدثني أحمد بن زهير قال حدثني محمد بن يزيد قال حدثني بن إدريس عن مالك بن مغول قال كان زيد بن إياس يقول للشعبي يا مبطل الحاجات يعني أنه يشغل جلساءه عن حوائجهم بحسن حديثه من بلاغة الشعبي ما حدثني أحمد بن محمد قال حدثني أحمد بن سعيد قال حدثني أبو الحسن محمد بن عبد الله بن سعيد المهراني قال حدثني يزيد بن محمد المهلبي قال حدثني العتبي عن من حدثه قال كان الشعبي إن سمع حديثا ورده فكأنه زاد فيه من تحسينه بلفظه فسمع يوما حديثا وقد سمع جليسا له يقال له رزين فرده الشعبي وحسنه فقال له رزين أتق الله يا أبا عمر وليس هكذا الحديث فقال له الشعبي يا رزين ما كان أحوجك إلى محدرج شديد الجلد لين المهزة عظيم الثمرة أخذ ما بين مغرز عتق إلى عجب ذنب فيوضع منك في مثل ذلك فيكثر له رقصاتك من غير جدل فلم يدر ما قال له فقال وما ذاك يا أبا عمرو فقال شيء لنا فيه أدب ولك فيه أدب قال أبو عمر ما زالت العرب تمدح البيان والفصاحة في أشعارها وأخبارها فمن ذلك قول حسان بن ثابت في بن عباس: إذ قال لم يترك مقالا لقائل *** بمنتظمات لا ترى بينها فصلا كفى وشفى ما في النفوس فلم *** يدع لذي إربة في القول جدا ولا هزلا في أبيات قد ذكرتها في التمهيد ولحسان أيضا في بن عباس: صموت إذا ما الصمت زين أهله *** وفتاق أبكار الكلام المختم وعى ما وعى القرآن من كل حكمة *** ونيطت لها لآداب باللحم والدم وأنشد لعدي ثعلب بن الحارث التيمي وقال إنه لم يسمع في مدح الكلام أحسن من هذين البيتين: كان كلام الناس جمع عنده *** فيأخذ من أطرافه يتخير فلم يرض الأكل بكر ثقيله *** تكاد بيانا من دم الجوف تقطر وقال بكر بن سوادة في خالد بن صفوان: عليم بتنزيل الكلام ملقن *** ذكور لما سداه أول أولا ترى خطباء الناس يوم ارتجاله *** كأنهم الكروان عاين أجدلا وقد زدنا هذا المعنى بيانا في التمهيد والحمد لله كثيرا. 1853- مالك أنه بلغه أن عيسى بن مريم كان يقول لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسو قلوبكم فإن القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد فإنما الناس مبتلى ومعافى فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية قال أبو عمر هذا عندي أفضل كلام قيل في معناه أو من أفضل الكلام قيل أجمعه للخير وأدلك عليه ولقد أحسن القائل -: ارحم الناس جميعا فهم أبناء جنسك *** ابغ للناس من الخير كما تبغي لنفسك وقد حدثني أحمد بن عبد الله قال حدثني أبي قال حدثني عبد الله قال حدثني بقي قال حدثني أبو بكر قال حدثني أبو خالد الأحمر عن محمد بن عجلان عن محمد بن يعقوب قال قال عيسى بن مريم لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسو قلوبكم فإن القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون ولا تنظروا في ذنوب العباد كأنكم أرباب وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد فإن الناس مبتلى ومعافى فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية قال أبو عمر هو عندي -والله أعلم- محمد بن يعقوب بن عيينة بن المغيرة بن الأحسر قال حدثني أحمد قال حدثني أبي قال حدثني عبد الله قال حدثني بقي قال حدثني أبو بكر قال حدثني عبد الله بن موسى قال حدثني شيبان عن آدم بن علي قال سمعت أخا بلال مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم يقول الناس ثلاثة فسالم وغانم وظالم لنفسه قال فالسالم الساكت والغانم الذي يأمر بالخير وينهى عن المنكر والظالم لنفسه الناطق بالخنا والمعين على الظلم قال أبو بكر. وحدثني سعيد بن عبد الله بن الربيع بن خيثم عن نسير بن ذعلوق عن بكر بن مساعد كان الربيع بن خيثم يقول لا خير في الكلام إلا في تسع تسبيح الله وتكبير الله وتحميد الله وسؤالك الخير وتعوذك من الشر وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر وقراءتك القرآن وروينا عن سيبويه أنه قال رأيت الخليل بن أحمد في المنام فقال لي أرأيت ما كنا فيه فإنني لم أنتفع بشيء منه إنما انتفعت بقولي سبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله وأمر بمعروف ونهي عن منكر. 1854- مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت ترسل بعض أهلها بعد العتمة فتقول ألا تريحون الكتاب قال أبو عمر الكتاب ها هنا الكرام الكاتبون وهم الحفظة الرقباء قال الله عز وجل ( كراما كتبين) الانفطار 11 قال الله عز وجل (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) [ق 18]. وكانت عائشة رضي الله عنها ذهبت إلى أن النوم راحة للحفظة لأنه لا يكتب على النائم شيء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاث فذكر منهم النائم حتى يستيقظ وروى أبو برزة الأسلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النوم قبل صلاة العشاء وعن الحديث بعدها وكره صلى الله عليه وسلم السمر إلا لمصلي أو مسافر وكان عمر بن الخطاب يشدد في ذلك وقال مجاهد لا يجوز السمر بعد العشاء إلا لمصلي أو مسافر أو مذاكر بعلم.
|